المقالات

ثورة حفيد الحسين

بقلم: قاسم الكفائي ..
المقدمة ..
من طبائع الإنتهازيين أن يجتمعوا حولَ الأقوياء، يتمسحون بهم ويمسحون عن أكتافهم الغبار، هكذا تُدارُ أحوالُ البلاد الفاشلة التي لا قيمة لها. إخترتُ عنوان مقالتي ب(ثورة حفيد الحسين) من باب القناعة المطلقة بمعنى المفردات خارج حدود الإنتهازية. فالعراق اليوم وبعد إن طفح الكيل ألف مرة يشهد حالة من الغليان الشعبي قادها السيد مقتدى الصدر بالمطالبة نحو التغيير الجذري وتصحيح جميع المسارات المنحرفة التي اعتلاها الفاسدون والجاهلون والانتهازيون. بهذا المعنى ذكرتُ مفرد –ثورة- كواقع حال نعيشه في هذه الساعة. أما (حفيد الحسين) فأعني به جذوره الحسينية الطيبة–. فآل الصدر الكرام هم ورقة من شجرة طيبة –، حقيقة ثابتة تترفع عن المديح والتملق، أو حالة نجاح قيادته في إدارة البلاد من عدمه. فكل ما نعنيه أن يأخذ سماحته بهذه الثورة العراقية المخلصة التي هي ثورة الشبيبة أولا، ساهم بها المسلم مع المسيحي، العربي مع الكردي، وباقي القوميات والطوائف الأخرى الى تحقيق الغاية المنشودة. إنتهت
الواقعُ المر الذي يعيشه المواطنُ العراقي من سوء خدمات، وفَقرٍ مُتقع، وحرمانٍ في ظل حكوماتِ فسادٍ مُتعاقبة حكمت العراق الغني بثرواته ما بعد 2003 اعتمدت سرقةَ المال العام، والعملَ بالمحسوبياتِ، والإهمالَ المُتعمَّد لكل مفاصل الدولة قد أشعلَ ثورةً حقيقيةً في عقول ونفوس أبناء هذا البلد ممن غدرتهم مجاميعُ اللصوص والفاشلين. فالثورة التي عَجَّت في الصدور لابدّ أن تتولاّها قيادة مخلصة، حكيمة تصنع منها وسيلةً للخروج من الأزمات بمواصلة العمل الدؤوب دون تراجع. سماحة السيد مقتدى الصدر يمتلك رصيدا وطنيا وتاريخيا لتولي هذه المهمة الصعبة، وقد التفَّت حوله الغالبيةُ من أبناء هذا الشعب فأعلن التغييرَ الحقيقي والنهائي في موسم حسيني (عاشوراء) خلده التاريخُ والإنسانية. إن الوسيلة التي اعتمدها السيد الصدر في مواجهة الواقع المنحرف هم الجماهير المُتضررة التي تتطلع أن يُصدرَ القائدُ أوامرَه فيتبعونها طوعا وبقوة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العراق الحديث. لقد شهِدت العاصمة بغداد تحقيقَ انتصاراتِ هذا الحِراك والغليان حين اندَحَرت أسوارَ المنطقةِ الخضراء بسلمية ومشروعية عمل الثائرين، وتوطنوا فيها عُنوة، كانت قاعة مجلس النواب الفاشلين محل إقامتهم، فأغلقت الأبوابُ حتى إشعارٍ آخر. هذا العمل الرائع تحقق بفضل قيادة سماحة الصدر وبفضل شرعية الثورة. حديثُنا مع القائد لا من باب الإستجواب، ولا من باب إعطاء الدروس، إنما هي الحِكمة الوطنية في عملية التطوير أن يتحاورَ المواطنُ والقائد، وهي السبيلُ الى التكامل المعرفي الذي ينعكس على الوعي والإنضباط كمشروعٍ لبناء المؤسسات الناجحة لأن بناء البلاد والإنسان لا يأتي من نصيحة تتخندق خلف الجدار يطلقها عنصرٌ من حاشية القائد لتُعمَّم على الجُمهور المُغفل. الشعب العراقي له خصوصية قد لا نجدها عند الشعوب في حبه للحرية والتجديد على أنها قيمة وطنية وليست رغبة في العيش خالية من الإستعداد للدفاع عنها، وهذه الثورة هي امتداد لقيمه التي آمنَ بها واستعدَّ لها، وتمسّكَ بثوابتها الى حد التضحية. فالقائدُ الموهوب أن يتحصَّن بمن يثق بهم، أمناء عليه، حريصين على حياتهِ وسلامتهِ، ثم يجد المساحة الواسعة لأهل الخبرة والمهنية المخلصين من الحكومة التي لا تشغلها خزعبلات الصراع السياسي لكي تخوضَ بتلك المساحة تجربة بناء الوطن، مؤسساتٍ وخدمات، وفي التخطيط والإعمار، والتجارة، وكل منفذ تدفعهم اليه حاجة المواطن ومصالح البلاد العليا. ثم يمضي القائدُ الى ما هو أوسع وأبعد ليشكل لجنةً مستقلة عليا من أهل الخبرة (لجنة المتابعة والتقييم مثلا) من خارج الحكومة مهمتها تقييم عمل وأداء الوزارات بكل مفاصلها وفروعها من أول قرية على حدود الفاو حتى آخر قرية تابعة الى زاخو. بهذه الرؤية والوسيلة والوعي يمكن بناء الدولة والإنسان على أكمل وجه. كلُّ ما تقدَّم من مشروع وطني (حكومة وعمل) أعتبره بمعرفتي وتجربتي الصعبة في حياتي أنه نصفٌ من حجم المشروع العام، أما النصفُ الآخر المستقل –تقريبا- هو كيفية صناعة مؤسسة المخابرات بكل فروعها على نمَط ٍمهني فريدٍ يوازي، أو يفوق بقدرته عمل وقدرة مؤسسات الدول المتقدمة، وهذا أمرٌ صعبٌ يستحيل على كوادرنا في العراق كما وجدتها خوضه، ((أفهم بعمق عمل مؤسستنا الأمنية الفاشلة في بغداد ما قبل عام 2003 وما بعده، وفي المرحلتين سلوكٌ ونمطٌ غير متشابهين، ولكن يُمكنُ للفكر المُتجدد الذي يستوعب هذا العمل حلَّ هذه المُعضلة). هذه المؤسسة (بأشد اختصار) لو بُنيت كما أسلفنا لن نجدَ منفذا لمتسلل، ولا طمعا لطامع، وتسيرُ البلادُ بمؤسساتِها ومجتمعِها واقتصادِها وأمنها على سكة النجاح والتفوق (الحديث عن هذه المهمة لا ينتهي مادامت في الإنسان حركةٌ وفكر). فالمؤسسة الأمنية هي التي تستوعب عمل ونشاط الوزارات والنُخَب بكل مفاصِلها فهي بمثابة كوكبٍ عملاق تدور حوله الكواكبُ الأخرى. بهذا المعنى قد نصل الى غايتنا المرجوّة في صناعة الدولة والإنسان، وتتقطع السُبل على المتسللين من الخارج والمارقين.
إن أصحابَ الكفاءاتِ والمتخصصين في داخل العراق وخارجهِ ممن لا يمتهنون السياسة كثيرون وقد أهملتهم الحكوماتُ الفاسدة لمصداقيتهم في العمل ولوطنيتهم المخلصة، وهم ينتظرون الفرصة الحقيقية لممارسة دورَهم الذي يوكلُ اليهم، كلٌّ حسب اختصاصه. بهم سينتعش العراق في الأمن، والإقتصاد، وإدارة المؤسسات الأمنية والخدمية، وفي الثقافة، ودحر الفساد، ومكافحة المخدرات، وستُصان خيراتُ الوطن، وتُصانُ كرامةُ الإنسان بزوال الفوارق الطائفية والقومية والعرقية. أملنا كبيرٌ بانتصار ثورة الشعب المتنامية بهمّة قائدِها الذي لا تعيق مسيرتَه تلك الأوامر والشروط المستورَدة من خارج الوطن لتفرضها عليه خصومُ الداخل. فالإنتصار يتحقق بحل البرلمان حتما حتى تزول كل أسباب القوة التي ينتفع بها الخصومُ الشياطين. أحيي الثائرين المنتفضين، وسلاما آلَ الصدر الكرام.
قاسم محمد الكفائي/ كندا

قاسم محمد الكفائي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
FacebookTwitterYoutube
إغلاق