
بقلم : الكاتبة سرى العبيدي .. سفيرة الجمال والطفولة والإبداع العالمي..
يتحدث الكثير من الآباء والأمهات عن طاعة الاولاد لهم ووجوب الامتثال لجميع اوامرهم ، فتلك هي مسؤوليتهم ، وإذا لم يستجيبوا للأوامر والطلبات حتى ولو كانت غريبة ، أو مُنافية للشرع ، فإنهم عُصاة متمردون ، والحال أن الله سبحانه وتعالى أراد للانسان إبناً أو بنتاً أن يكونا محسنين بالوالدين ، ولم يطلب منهما أن يطيعاهما إلا فيما هو طاعة له ، وهذه هي الأدلة : يقول تعالى 🙁 وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياهُ وبالوالدينٍ إحسانا ) ، فالعبادة والطاعة لله والإحسان للوالدين ، وكلمة ( الاحسان) تنطوي على جانب أخلاقي تربوي أكثر من أنطوائها على الإلزام ، بل ليس فيها شيء من الإلزام ، على اعتبار أن المحسن هو متطوع وليس مكلفا ، ولذلك فإن الوالدين إذا أرادا إكراه أو إجبار أحد من أبنائهم أو بناتهم على فعل أمر مرفوض شرعا ، فإن من حق هؤلاء أن لا يستجيبوا ، بناءً على قوله تعالى:( وان جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك بهٍ عٍلم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا ) ، فهو احسان في قٍبال احسان ، فلقد أحسن الوالدان في طفولة وصبا ، وعلى الأبناء أن ُيحسنوا في هرم وشيخوخة ، وجزاء الاحسان الا الاحسان كما هو معروف الاحسان ، وعلى الأبناء والبنات أن يُقابلا إحسان الابويين بمثله أو أكبر منه ، وان كان إحسان الوالدين ، مهما بلغ إحسان الاولاد لايُقاس ولا يُقارن ، وهذا هو قول الله تعالى 🙁 إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقُل لهُما أُف ولاتنهرهما وقل لهما قولا كريما ، وتخفض لهما جناح الذل من الرحمة ، وقل رب أرحمهما كما ربياني صغيرا) ،إن بعض الآباء وكثيرا من الأمهات يتعاملون مع أبنائهم وبناتهم على ضوء وجوب رد الجميل في الالتزام بالطاعة لهما ، ولعلك تسمع منهم لهجة متشابهة ، فحواها : لقد افنينا زهرة شبابنا من اجلهم ، فهل هذا هو جزاؤنا ؟! والحقيقة هي أننا كما قال ذلك الحكيم 🙁 زرعوا فحصدنا ونزرع فيحصدون ) ، فتلك هي سنة الحياة في الذين خلوا وفينا وفي الذين سيأتون من بعدنا ، فالحديث اذا يدور دائما عن عملية إحسان في رعاية واخلاق مُهذبة وكلمات رقيقة دافئة ، وتعامل بالتي هي أحسن ، والا فالحديث الشريف صريح في الامتناع عن التنفيذ إن كان الأمر بالمعصية ( لاطاعة لمخلوق في معصية الخالٍق) .أما الأمر بالطاعة لله ولرسوله ولاوامر الدين الحنيف ، واجتناب المعاصي ، فهو ليس أمرا والدياً ، وانما هو أمر بما أمر الله ، والطاعة هنا مُفترضة على الوالدين وعلى الاولاد على حد ٕ سواء .وفي المحصلة ، فإن المطلوب من البنين والبنات ( الاحسان) للوالدين وليس ( الطاعة) التي هي في قبال طاعة الله ، فالوالدان ليسا مشرعين ، ولايحق لهما فرض طاعة من الطاعات التي لم يقل بهما الاسلام ، أما ماجاء في بعض الأحاديث من طاعة الوالدين ، فالمراد هنا بمعنى الاحسان والامتثال فيما يسمى بالأوامر الاشفاقية وهي الأمور التي تقوي الاحسان ولاتتعارض مع الأوامر الربانية ، كأن يستجيب للبقاء معهما في مسكن واحد أو اي شيء من الأمور الاجتماعية ، أما ( رضا) الوالدين فهو لابتنافى أو يتعارض مع رضا الله سبحانه وتعالى ، فإذا كان تعامل الاولاد مع الوالدين بالاحسان ، كما أراد الله تعالى ذلك ، فإن الاحسان والبر بهما سوف يدخل السرور والرضا والشكر في قلوب الوالدين ، وهذا مدعاة لرضا الله ، فلقد جاء بالحديث 🙁 رضا الله في رضا الوالد أما أو أبا ، وسخط الله في سخط الوالد ) فالرضا والسخط هنا متعلقان ب ( البر) وب ( العقوق) ، فحتى الوالدان المشركان ينبغي أن يكون التعامل معهما بإحسان ( فلا تطعهماوصاحبهما في الدنيا معروفا ) ، والأمر الذي يجعلهما يرضيان عن أبنائهما ، وبالتالي فإن ذلك قد يكون سببا في هدايتهما .وفي قصة زكريا بن ابراهيم النصراني الذي اسلم ، درس في ذلك وعبرة ، فقد طلب من أحد الأئمة أن يبقى مع والديه النصرانيبن لان أمه كفيفة البصر ، فأجابه الامام الى ذلك ، قائلا : لاباس عليك ، فانظر أمك وبرها ، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك ، كُن انت الذي يقوم بشأنها ( بتجهيزها) .وعمل زكريا بما اوصاه الامام فأخذ يُلاطف أمه ويسبغ عليها من عطفه وحنانه ويُحسن خدمتها أكثر من ذي قبل ، فقالت له ذات يوم : يابُني ما اراك كنت تصنعُ بي مثل هذا عندما كنت علي دين النصرانية ، فما الذي أراه منك منذُ تركت ٓ هذا الدين ودخلت في الاسلام ؟! فذكر لها مااوصاه به الامام عليه السلام ، فقالت يابني دينكٓ خير دين ، اعرضه علي فعرضه عليها ، فدخلت الاسلام …وصلت يومها وماتت في ليلتها ، وفي الحديث 🙁 بر الوالدين من اكرم الطباع) ، وفيه أيضا 🙁 بروا آبائكم يبركم أبنائكم) .
Visit the official Telegram website, choose the appropriate operating system such as Windows, macOS, Android, iOS, etc., and download the application. Enjoy seamless communication across devices with Telegram’s secure and fast messaging features, including text, voice calls, and file sharing, all backed by end-to-end encryption for enhanced privacy.