الكاظمي على طريق من سبق أو ؟
يشبه حال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حال أي مواطن عربي يعود بعد فترة نزوح قاسية الى قريته، أو مدينته فيجد منزله مهدما بالكامل، وقد دمره برميل متفجر، أو سيارة مفخخة، أو ديناميت وضعه فيه مجاهدو آخر الزمان، وتركوه أثرا بعد عين، وكأنه يسمع نداء أبي نواس الشاعر وهو يقول:
قل لمن يبكي على رسم درس
واقفا ماضر لو كان جلس
فمجاهدو آخر الزمان من السياسيين العراقيين لم يتركوا أشياءنا إلا حطاما، وهم يرهقون أي مسؤول تنفيذي يحاول ان يفعل شيئا، ويحدد مسارا يتخذه ليصل الى وجهته في ظروف أزمة على مستوى السياسة والأمن والإقتصاد والخدمات العامة، فتتحول الإستراتيجية المعدة لبناء الدولة الى إجراءات روتينية لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين، وتوفير بعض الخدمات، وتمر السنين، والحال على ماهو عليه. بلاتغيير، ولاتبديل، ولايطرأ تحسن على الأوضاع العامة، بل تتردى الأمور، وتزداد سوءا وبؤسا.
مع كل تغيير سياسي تشتغل القواعد السرية والجيوش الألكترونية المحلية والخارجية وفقا لغايات تتباين من جهة الى أخرى، فتنشط في ممارسة التسقيط السياسي، وتعمل على فبركة الأخبار والشائعات، ونسج الأكاذيب. ليس لأن المسؤول التنفيذي لايعمل جيدا، وتريد تقييم وتقويم أدائه، بل لأنها غير راضية عن حصصها، أو لأنها غير مقتنعة بماتحقق لها من مكاسب، أو لأنها أبعدت عن سباق المناصب والمكاسب، فتجتهد في حفر الكمائن، ووضع المطبات في الطريق، وحين لاتتعاون القوى الفاعلة مع رئيس السلطة التنفيذية يتحول كالشيخ في رواية همنجواي حين يجد ويجتهد للوصول بالسمكة الضخمة التي إصطادها الى الشاطيء، وهو على زورقه الصغير ينافح أسماك القرش ليكتشف إن سمكته التي فعل كل شيء مخاطرا بحياته لأجل وصولها قد تحولت الى هيكل عظمي ملقى على رمل الشاطي.
خرج عادل عبد المهدي العجوز المنهك من الباب الضيق محاولا الإفلات من ملاحقة قانونية يسعى وراءها كثر على خلفية التظاهرات، وماشابها من عنف ودماء، وبقيت التركة الثقيلة على عاتق رئيس وزراء جديد عليه أن ينظر بهدوء الى حجم تلك التركة، وثقلها، ويعتمد إستراتيجية حازمة وجادة لتحقيق منجز ما يحسب له، ويحظى بمساعدة ودعم القطاعات التي تعاني، أو أن يعود الى دائرة القوى السياسية التي تأخذ ولاتعطي، وتتبرأ بسرعة ممن ظنها حليفا له وداعما فإذا بها تدفعه نحو الهاوية.