المقالات

اين نجد الحليف الشريف ؟

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

من اين نجد الدولة العربية أو الإسلامية التي نتحالف معها وتتحالف معنا، فتنصرنا وتفزع لنا مثل فزعات أمريكا لحليفتها إسرائيل ؟. اين نجد هذا الحليف الشريف القوي الذي يحزن لاحزاننا، ويفرح لافراحنا، ويتألم لآلامنا، ويحرك جيوشه وأساطيله ليقاتل معنا في الخنادق الأمامية من دون ان نستدعيه ومن دون ان نطلب منه النجدة ؟. .
وهل بإمكان العرب ان يؤسسوا حلفا عسكريا للدفاع المشترك ؟. ربما يطول بنا المقام في استعراض تحالفاتهم الهشة التي ولدت ميتة. ولم يعد لها وجود على ارض الواقع. حتى منظمة الجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الاسلامي تحولت إلى هياكل موميائية تدور في مدارات الحكومات التي تحتضنها. .
ما الذي يمنع الزعماء العرب من التعاضد والتلاحم والتوافق والتنسيق والتشاور والتعاون ؟. وما الذي يمنعهم من تشكيل قوات حربية ضاربة لصيانة حدودهم وضمان امنهم والحفاظ على استقرارهم، وما الذي يمنعهم من بناء قواعد إقتصادية وصناعية ولوجستية مشتركة، فعلى الرغم من ثرواتهم الطبيعية الهائلة، وعلى الرغم من كنوزهم وأموالهم وأرصدتهم الفلكية لكنهم ظلوا يميلون نحو التحالفات الغربية، وصارت أراضيهم مفتوحة لكل القواعد الحربية الأمريكية والأوروبية، ثم ربطوا مستقبلهم بتحالفات إقليمية مريبة. .
حتى الاحزاب العربية القومية التي كانت تتغنى فيما مضى بأحلام الوحدة، صارت اداة من أدوات التفكك والانفصال والتجزئة. والأغرب من ذلك ان بعض البلدان العربية المتجاورة، والتي كانت تنتمي لحزب واحد، وتسعى لتحقيق الاهداف الوحدوية، كانت في الوقت نفسه أمثلة حية للتنافر والتباعد والتناحر، وكل حزب بما لديهم فرحون. .
يذكرني تخاذل العرب الآن بحكاية رجل من بني العنبر يقال له قريط بن أنيف التميمي. أغار عليه قوم من بني شيبان، فأخذوا منه ثلاثين بعيرا، فاستنجد بإخوانه فلم ينجدوه، فأتى ابناء عمومته من مازن تميم، فهبوا لنجدته، وهجموا على بني شيبان، واخذوا منهم مائة بعير، فدفعوها إليه. فقال هذه الأبيات:
لو كنتُ من مازن لم تستبحْ إبلي
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إذاً لقام بنصري معشرٌ خشنٌ
عند الحفيظة إنْ ذو لوثة لانا
قومٌ إذا الشر أبدى ناجذيه لهم
طاروا إليه زرافات ووحدانا
لا يسألون أخاهم حين يندُبهم
في النائبات على ما قال برهانا
أما اليوم فعندما يتأخر رد المقاومة على غارات إسرائيل يستهزئون ويرددون بسخرية: أين الرد ؟. بينما هم أولى بالقضية، وإذا جاء الرد قالوا مسرحية، وإذا كان الرد قاسياً قالو: لقد ادخلوا المنطقة في حروب عبثية، وإذا تبين لهم أنهم جادون في الانتقام لأجل القضية قالو اللهم أضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا منها سالمين. كأنما القضية ليست قضيتهم. ياترى ما الذي حصل لهذه الأمة البائسة ؟. .

د. كمال فتاح حيدر

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
FacebookTwitterYoutube
إغلاق