في الإقتصاد طيف واحدة تكفي

بقلم: هادي جلو مرعي ..

الإقتصاد في تعريفه سلوك إجتماعي مرتبط بتنظيم شؤون المجتمع في العمل، وتنظيم الموارد الطبيعية والمال والأعمال والبيئة، وكل مايحيط بالإنسان ومعاشه وإستمرار وجوده. والمال في كل ذلك يشرق في تلك المساحات جميعها، ويكون وجوده وأثره مهما للغاية حتى إن أحد الصالحين كان يدعو ربه قائلا : اللهم أرزقني مالا فإنه لافعال بلامال. فقد تجاوزت البشرية نظام المقايضة الى التعامل النقدي المباشر، وتعددت أشكال التعامل المالي تبعا للتطورات الإقتصادية والسياسات المتبعة في مختلف البلدان، وظهور التقنيات الحديثة التي غيرت وجه العالم وفتحت الأبواب لمستقبل مختلف كليا لايمكن توقع مايخبؤه لنا.
في الثامن من آذار منحت وزير المالية السيدة طيف سامي محمد جائزة المرأة الشجاعة لجهودها في مواجهة تحديات الموازنات المالية للدولة العراقية، وحالات الفساد التي تؤرق صانع القرار والمشرع والمسؤول التنفيذي، وذلك أمر يمكن الإشارة إليه بوصفه نجاحا كبيرا بالنسبة لإمرأة أدارت شؤون الموازنة المالية، وتصدت لحالات من التجاوز على المال العام نتيجة لظروف إستثنائية سببها الفساد،ح وعدم وجود إرادة حاسمة في محاربته، وملاحقة الذين أثروا على حساب المال العام، وإستخدموا نفوذهم ليحصلوا على مايبتغون من منافع غير مشروعة مستغلين ضعف المؤسسات، والتشكيل الحديث للدولة العراقية عام ٢٠٠٣ وأسسوا إمبراطوريات جعلت الحكومة والمسؤولين التنفيذيين في خضم مواجهة معقدة تستدعي أساليب أكثر شراسة في التعاطي مع تلك الملفات وحسمها، ومنع تغول جماعات الفساد، والسيطرة على البؤر المستهدفة، وتحجيم الممارسات الإدارية غير المتوازنة التي تجعل من الدولة مجرد متابع عاجز لاحول له ولاقوة، وهنا تكمن أهمية الموظف الحكومي ومايختزنه من معلومات، ومايملكه من قدرات، ويمكن الإشارة الى النجاحات المذهلة لسيدات عراقيات سبقن طيف سامي، وٱخريات مجايلات، وجيل منهن سيأتي حتما ليقدم عطاءات تبقى في الذاكرة.
مبنى البنك المركزي العراقي الجديد يستدعى التأمل فهو حتى اللحظة أعلى مباني العاصمة بغداد وقد قارب العمل فيه على نهايته ( تم تصميم المبنى الجديد للبنك المركزي العراقي بواسطة المعمارية العراقية الشهيرة زها حديد. يقع المبنى على مساحة تبلغ 19,000 متر مربع ويتكون من 38 طابقًا، حيث يتضمن 3 طوابق تحت سطح الأرض و35 طابقًا فوق سطح الأرض، ويبلغ ارتفاعه 180 مترًا ) وفي سيرتها الذاتية ( زَها حديد واسمها الكامل زَها محمد حسين حديد اللهيبي (زَها يُلفظ بفتح الزاي ) ، هي معمارية عراقية بريطانية، وُلدت في بغداد لأسرة موصلية الأصل يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر 1950 وتُوفيت في ميامي يوم 31 آذار/مارس 2016. والدها محمد حديد، كان أحد قادة الحزب الوطني الديمقراطي العراقي والوزير الأسبق للمالية العراقية بين عامي 1958-1960م. وظلت زها تدرس في مدارس بغداد حتى انتهائها من دراستها الثانوية، وحصلت على شهادة الليسانس في الرياضيات من الجامعة الأميركية في بيروت 1971، ولها شهرة واسعة في الأوساط المعمارية الغربية، وحاصلة على وسام التقدير من الملكة البريطانية) مقتبس.
وجميل جدا أن تتوفر لأي بلاد مجموعة من النساء المؤثرات على مستوى الإبداع والإدارة يصنعن شيئا مختلفا، ويتركن أثرا مشرفا، ولايشبهن أبدا من يستخدمن أنوثتهن للتخريب في الثقافة والقيم كما يحدث الآن، ويسبب الصداع والقلق من إنحسار جيل المبدعات لحساب جيل من المتميعات الطامحات للمال والشهرة الرخيصة.