الجامعة العربية الواقع والتحديات
بقلم : حيدر خليل ..
تعيش المنطقة حالة صراع مريرة منذ سنوات من أجل السلطة والنفوذ، وبعض البلدان العربية متضلعة في هذه الصراعات، بل بعضها غذت وساعدت على الصراع لاجل مد نفوذها، كما أن قادة وزعماء الصراع وبعض زعماء المنطقة تعمل وفق اجندات خاصة بالتعاون مع دول الغربية، لذلك من الصعب التوصل لحل شامل لازمات ومشاكل المنطقة دون عقد جلسة واضحة وصريحة وطرح المشاكل بواقعية تامة والعمل بجدية تامة لحل الأزمات مع متابعة مستمرة من خلال تشكيل لجان خاصة من جامعة الدول العربية لمتابعة تنفيذ قرارات المجلس الخاصة بحل الأزمات، أما الاجتماعات التي تستمر لساعتين أو ثلاثة من دون قرارات ومتابعة فلا تجدي نفعا .
نظرة تاريخية
تأسست الجامعة العربية عام 1945، في القاهرة ونصت ميثاقها على التعاون المشترك بين الدول الأعضاء، ولتسوية بعض المنازعات العربية والحد من صراعاتها، كما مثلت الجامعة منصةً لصياغة وإبرام العديد من الوثائق التاريخية لتعزيز التكامل الاقتصادي بين بلدان الجامعة. أحد أمثلة هذه الوثائق المهمة وثيقة العمل الاقتصادي العربي المشترك، والتي تحدد مبادئ الأنشطة الاقتصادية في المنطقة.
قمة جدة .
اراد محمد بن سلمان الامير السعودي الشاب ابراز نفسه كزعيم عربي أمام العالم، كما رغب أن تظهر السعودية على أنها المخلص والملجأ لمشاكل المنطقة، لذلك دعا الرئيس السوري بشار الاسد كما دعا الرئيس الاوكراني زيلينسكي للقمة، للفت انتباه العالم .
لكن هل نجحت مساعي محمد بن سلمان فيما أراد وما خطط له ؟
الإجابة على السؤال فيها شقين:
الأول: البيان الختامي سيتضح لنا أن هذه القمة لا تختلف كثيرا عن سابقاتها، فهي أكدت كما في السابق على مركزية القضية الفلسطينية، ودعت المجتمع الدولي لادانة اسرائيل، دعوة الحكومة اليمنية لدعم الإستقرار والسلام لانهاء الأزمة اليمنية، التضامن مع لبنان، المحافظة على الهوية العربية.
الجديد في الموضوع هو الصراع في السودان، وعودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، لا جديد يذكر ولا قديم يعاد.
الشق الثاني:
هو عدم حضور جميع الزعماء العرب اما بسبب خلافات أو أنهم على علم بالبيان الختامي مسبقاً وانه لا جديد سيطرح في البيان أو القمة .
فملك المغرب وسلطان عمان لم يحضرا، والرئيس الجزائري لم يحضر بسبب دعوة الرئيس الاوكراني زيلينسكي لالقاء كلمة أمام القمة دون علمه، وأمير الكويت نواف الاحمد الصباح اعتذر عن الحضور بسبب ما قيل عن حالته الصحية، بينما قالت الإمارات أن رئيسها لديه جولة اوروبية، بينما اشارت بعض التقارير عن وجود خلافات مع السعودية .
أما ليبيا حضر رئيس المجلس السيادي الليبي والذي لا يمثل جميع الليبيين، ورئيس مجلس القيادة اليمني وهو الآخر يمثل أحد طرفي النزاع.
أما السودان فقد كلف قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان سفيره في الرياض بتمثيله ! .
وجزر القمر تلك الدولة الصغيرة فقد أُتخم من ( المندي والمفطح) لذلك اعتذر ليبحث عن طبق اوروبي لارتباطه بجولة اوروبية .
لم تنجح الجامعة العربية منذ تأسيسها ولغاية اليوم من حل أي مشكلة واجهت العرب، بل في عهدها حصلت (نكبة فلسطين)، ولم تنجح لغاية الان من حل القضية الفلسطينية، أو وضع حد لانتهاكات اسرائيل بحق الفلسطينيين، كما تعرضت الكويت للاحتلال من قبل العراق، وتعرض العراق للاحتلال من قبل الولايات المتحدة، كما تمزقت كل من سوريا وليبيا واليمن والسودان .
أما على المستوى الثقافي فهي فالدول العربية هي دول متخلفة شعوبها لا تقرأ، ولا زالت العقلية القبلية والطائفية تسيطر عليها، وهذا دليل على أن ليس هناك أي بوادر ثقافية تخرج من الجامعة العربية.
يؤكد الكثير من المراقبين والباحثين مرارا وتكرارا بعد كل قمة للجامعة العربية أن قمم الجامعة العربية هي مجرد اجتماعات فقط، لا تأثير لها على واقع المجتمع العربي.
يقول معمر القذافي الزعيم الليبي السابق في إحدى اجتماعات القمة العربية نحن العرب لا شيء يجمعنا سوى هذه القاعة .
أما هناك الكثير من الشعراء العرب ذموا القمم العربية واستهزئوا بها اهمهم الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب وقصيدته المشهورة قمم قمم .
والجامعة العربية ومنذ تأسيسها لم تعمل على وضع استراتيحية عمل واضحة لحل مشاكل المنطقة، بل لم تظهر أي جدية في وضع خطط للتنمية والتخطيط لمستقبل المجتمعات العريية .
كما أنها تقف مع الانظمة ضد ارادة الشعوب لم يدينوا الديكتاتور صدام حسين بكل ما فعل للشعب العراقي، قصف الكورد بالكيمياوي، قام بجريمة الانفال، وتهجير وتسفير مئات الالاف من الكورد بحجج واهية، كما قمع انتفاضة (1991) في الجنوب العراقي باسلحة محرمة، وقطع المياه عن الاهوار لتجفيفها، بل كانت الجامعة تستقبله بالاحضان عند عقد كل قمة.
وها هي مرة أخرى الجامعة العربية تستقبل بالاحضان بشار الاسد بعدما تسبب بمجازر ضد الشعب السوري لا لشيء سوى أنه يريد البقاء في السلطة .
الكثير من القضايا المهمة والتي لها تأثير كبير على استقرار المنطقة امنيا وسياسيا واقتصاديا، لكن الجامعة العربية لم تسعى بل لم تناقشها في أي من اجتماعاتها وهي ليست بأقل أهمية من القضية الفلسطينية، الا وهي القضية الكوردية ومصير الكورد في هذا الجزء المهم من العالم .
