كلها ( صوچ ) الكاظمي .. كلها ( صوچ ) المالكي !
بقلم : فالح حسون الدراجي …
ما أن ظهر خبر الحريق المفجع بمستشفى ابن الخطيب للعلن أمس الاول، وقبل أن تتضح الصورة، ونعرف حجم الخسائر، وعدد الضحايا، بل وقبل أن نعرف كيف وأين ومتى وقع الحادث، توالت التعليقات والتغريدات والبوستات في وسائل التواصل الاجتماعي، وهي تتهم (مصطفى الكاظمي)، وتُحمّله مسؤولية ما حدث في ابن الخطيب !
وأظن أن في هذا الإتهام المتسرِّع، والحكم قبل التحقيق، ظلماً كبيراً لا يلحق بالكاظمي وحده، إنما سيلحق بالضحايا أنفسهم، لأننا سنكون قد ظلمنا الضحايا مرتين، مرة من خلال إهمالنا لهم وتركهم يموتون حرقاً، ومرة من خلال تبرئة من تسبب بمأساتهم، وإدانة من ليس له ذنب في ذلك!
وكي لا يتهمنا البعض بالمحاباة، أو بالدفاع عن الكاظمي تزلفاً، نود أن نشير الى أن هذا الأمر لا يختصر على مرحلة حكم الكاظمي فحسب، إنما هو أمرٌ قد دأب عليه العراقيون مع جميع من ترأس حكومات العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، لا سيما بعد انتشار وسائل التواصل الإجتماعي، وتوفر الأجواء الديمقراطية التي تتيح المجال والفرصة لكل من يريد أن يعبر عن رأيه، وعما يجول في خاطره دون حساب، أو مساءلة..
وهنا نذكِّر بأن التسرع الذي أطلقه الكثير من المدونين باتهام رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أمس الاول، وقبل أن يتأكدوا من تفاصيل الحادث، هي حالة ليست جديدة كما ذكرنا، فقد سبق أن تعرض رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الى مثل هذه الإتهامات، والإدانات المتعجلة، والمنشورات الساخرة، فكان أي حدث يجري في العراق، يدان فيه المالكي ( رأساً ) ، حتى غدا الأمر أشبه بنكتة في الشارع العراقي، حيث باتت عبارة (كلها صوچ المالكي) مثل المحفوظة التي يحفظها ويرددها طلبة المدارس.. حتى قيل في هذا الصدد ( إذا تعاركت سمكتان في هور الجبايش، اتهم بعراكهما المالكي)!
لذلك، كان من الطبيعي أن تلقى جميع أوزار وآثام فجيعة سقوط الموصل على عاتق المالكي وحده، وليس على أثيل النجيفي مثلاً أو غيره من القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين في العراق .. وهنا مكمن الخطورة !
وأقصد بالخطورة، أننا نكتفي بإدانة الرأس، ونترك الأعضاء الآخرين، رغم أن بعض الأعضاء يتحملون مسؤولية أكبر أجزاء المشكلة.. فحين نبدأ بترديد نغمة الإدانة للمالكي أو لغيره من الرؤساء، ستصبح هذه النغمة بعد أيام، معزوفة كاملة وليس نغمة واحدة فحسب، ثم تصبح نشيداً وطنيا شعبياً يردده الجميع، سرعان ما يصبح المالكي أو غيره مجرماً، ويفلت النجيفي وأمثاله من المحاسبة، بل وحتى من السؤال.. وهذا ما حدث في العراق بالضبط !
اليوم نعيد مع الكاظمي للأسف تلك النغمة نفسها، والتي ستصبح معزوفة غداً، وربما ستصبح سمفونية، ونشيداً وطنياً، ثم يلي ذلك – لا سمح الله -، وقوع مصيبة مثل مصيبة الموصل، وطبعاً فإن الكبش (الكاظمي) موجود، والشارع مهيّأ ومعدّ تماماً لقبول (ذبحه) كبشاً للفجيعة التي ستحدث، وإلّا فلماذا يشتغل المشتغلون، وينشط الناشطون بتسقيط الرجل ليلا نهارا، حتى لو جاءنا بعشبة الخلود، ولماذا يتفرغون لتوزيع وبث هذه النغمة النشاز، مذ أن بدأ الكاظمي ( يتحارش ) بإمبراطورياتهم، وصار ( يسحل) بعض رؤوسهم الفاسدة، وليس مذ ليلة اول البارحة، وفجيعة مستشفى ابن الخطيب كما يظن البعض؟!.
لذلك، وددت هنا أن أنبه الى أن الموصل لم تسقط من خارطة وأملاك المالكي الشخصية، إنما سقطت من خارطة العراق كله، ومن أملاك العراقيين دون استثناء، فالموصل ملك الموصليين، والبصريين، والكربلائيين والأنباريين وغيرهم.. ولولا بطولة رجال مكافحة الإرهاب وأبطال الحشد الشعبي، وألوية الجيش والشرطة الإتحادية والبيشمركة، لما عادت إلينا نينوى الشقراء!
وأود أن أذكر أيضاً، أن ( العار ) الذي لحق بالعراقي نتيجة احتلال داعش لعدد من محافظات العراق لم يلحق بالمالكي وحده، إنما لحق بنا جميعاً دون استثناء، لذا أتمنى أن لا تتكرر فجيعة الموصل، وأن لا نصل الى ما وصلت اليه الأمور العام 2014 .. فمقدمات الموصل التسقيطية تتكرر للأسف اليوم، وإعلام ( الآخرين) ينشط بقوة هذه الأيام، مستهدفاً الكاظمي شخصياً..
وعودة لموضوع مأساة مستشفى الخطيب، يجدر بنا أن نترك الأمر للجهات التحقيقية والقضائية، ونؤجل الحكم والإدانة على الآخرين الى ما بعد الإنتهاء من التحقيقات المختصة..
إن اتهام الكاظمي بكل مايجري في العراق، يعد برأيي ( جريمة )، رغم أن الكاظمي هو المسؤول الأول عن ادارة الدولة العراقية، لكن وللحق، يجب أن نسأل أنفسنا أيضاً: إذا كان الكاظمي مسؤولاً عن مراقبة (طفايات الحريق) في مستشفى ابن الخطيب، لعد ليش أكو مدير مستشفى، وأكو مسؤول أمني، ومسؤول دفاع مدني في المستشفى، خوب نخلي المستشفى بإدارة حجية أم علي، تصير هي المنظفة والمديرة ومسؤولة الأمن ؟!
Visit the official Telegram website, choose the appropriate operating system such as Windows, macOS, Android, iOS, etc., and download the application. Enjoy seamless communication across devices with Telegram’s secure and fast messaging features, including text, voice calls, and file sharing, all backed by end-to-end encryption for enhanced privacy.