المقالات

هل تعود السودان إلى سابق عهدها ؟؟

بقلم: د. كمال فتاح حيدر ..

قد يظن البعض ان دولة السودان تتعرض الآن للتمزق بخناجر جيوشها، وان النزاع الحالي يقتصر على اشتباكات شقيقين متخاصمتين من القبيلة نفسها. لكن القراءة الدولية لما وراء مسرح العمليات القتالية توحي بأن الاضطرابات أبعد من الصورة السطحية المتداولة. .
من الطبيعي ان يتعامل الناس مع اللقطات الحية والمباشرة التي تنقلها لهم الفضائيات، لكنها لقطات لا تتجاوز حدود الآفاق المرئية، ولا تعكس حقيقة ما يجري في الدهاليز الدولية المظلمة. ولم تتحدث الفضائيات حتى الآن عن الغواصات والفرقاطات والمدمرات الحربية التي تجوب مياه البحر الاحمر قبالة موانئ: (سواكن – بورتسودان – الخير – الاخضر)، ولا عن الاساطيل التي تحركت الآن نحو المنطقة، ولا عن القواعد الاجنبية القريبة التي اعلنت حالة الاستعداد واليقظة والحذر. وستكشف الأيام القادمة عن المستور ويتضح كل شيء، فالصين وروسيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا تقف الآن على مسافة قريبة جداً من الأحداث، وبدأت القوى الداعمة تظهر على السطح: البرهان تدعمه أمريكا. وحميدتي تدعمه روسيا والصين، فالثروات والمعادن الثمينة التي يملكها السودان تكفي لتحريك أطماع القوى الدولية للاستحواذ على اليورانيوم والذهب. .
فاليورانيوم موجود في جبال النوبة وشمال كردفان وغرب دارفور وبيوضة بولاية نهر النيل والبطانة وجبال البحر الاحمر. وتحتوي مناطق شمال السودان على النحاس والذهب وخام الحديد والفضة والزنك والعقيق. وتحتوي صحراء بيوضة على سلكات الالمنيوم والمنغنيز والرخام والكبريت. .
وهكذا تسببت الازمة الحالية بتحريك الاطماع الخارجية، فقد اعلنت فرنسا وامريكا وهولندا ارسال قواتها الخاصة الى جيبوتي بذريعة نقل رعاياها من السودان، لكن الحشود العسكرية المتدفقة والاساطيل المزدحمة لها أبعاد اخرى. سيما ان تعداد الهولنديين والفرنسيين المتواجدين في السودان لا يشكلون الاعداد التي تستدعي استنفار فرق القوات الخاصة، التي ربما تتورط في حرب طويلة الامد، قد تتجاوز رقعة السودان لتمتد إلى البلدان الافريقية الغنية بالثروات. فالسودان واخواتها هي المخزون الاستراتيجي لكنوز الأرض التي لا تقدر بثمن. .
منذ عام 1983 وخطوات تنفيذ أفكار برنارد لويس لتقسيم البلدان العربية والافريقية تجري على قدم وساق. فقد قسموا ليبيا الى جزئين، وفصلوا الجنوب عن السودان، وربما يصار الى تجزئة ما تبقى من السودان الى دولتين: احداهما شرق النيل والاخرى غرب النيل، وقد تنفصل أرض النوبة عن مصر والسودان. .
ونختتم مقالتنا بهذين البيتين للشاعر عمر الداثر:-
يا لهف قلبي على السودان تطحنها
حربٌ عقيمٌ تُضاعف من رزاياها
الموت باغتها من كل ناحية
حرقا وهدماً وعطشاً يا لويلاها

د. كمال فتاح حيدر

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
FacebookTwitterYoutube
إغلاق