غزل في ضوء القمر
هادي جلو مرعي
من قال لك إني لاأجرؤ على إقتناص الفرص التي تمر مر السحاب، وأنت سحابة بيضاء تتهادى في الأفق البعيد متوجهة الى الشرق بحثا عن سماء تستظل بالزرقة، وتبحثين عن حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة تتسلى بها روحك، وتأنسين لحكايات أبطالها الى أن أجئ محملا بالرغبة، والحاجة إليك، هي حاجة تشبه مافي نفسك من إعتمال الرغبة لحنين ورقة تفتقدينها منذ عرفت أنك أنثى جبارة لاتقهرها جسارة الحياة، وألاعيب الرجال إلا في حالات خاصة لاتتوفر إلا في النادر لذوي الحظ العظيم.
كتبت عنك وأنا في الطريق الى المجهول، وفي الطريق الى المعلوم، وفي الطريق الى العمل، وفي الطريق الى البيت، وفي الطريق الى صحبي، وفي الطريق الى السفر، وفي الطريق الى صفحة الفيس بوك والتويتر، والى إيميلي الخاص، وحين أهم بالنظر الى شاشة الهاتف النقال الموبوء بالأساطير عن شركات تلعب فينا لعب ( الخضيري في الشط ) وفي لحظة الغيبوبة الكاملة، وعند شروق الشمس، ثم غروبها، وعند تذكري لكل اللحظات الجميلة التي تمر مر السحاب، ولايدركها لوم، أو عتاب، وعند الكتابة بالقلم العريض كما يسمونها أحيانا، ثم على شاشة الحاسوب فقد صار القلم قديما كقدم الأشياء التي تعودناها من بلد يدفع أبنائه الى المجاهيل والمغاليق فيمهرون في البحث عن فرص الهروب الى أمام والى وراء، والى المجهول في غربة لاتنتهي إلا بنهاية الحياة الممضة الكئيبة .
الفرق الكبير أشعره وأنا أكتب ،فحين أنسج في السياسة ومواضيع حياة مقفرة أجدني أبرع بحجم نملة لكنني أراني كموجة أنبوبية في محيط يهدر حين أتحول للكتابة عنك فيفيض الشعور الى إمرأة تنبض بالأنوثة والرغبة والميل الى التفجر كأي بركان يسد الأجواء ويوقف حركة الطائرات بين العالم الجديد والقديم فوق مياه المحيط المتجذرة بالخوف والروعة والإدهاش للعيون حين تمر الطائرات ،وليس لنا إلا نظرة بسيطة لنرى قطع الجليد مثل طيور النورس ،أو الأوراق المبعثرة البيضاء ،ربما هي نظرة كتلك التي يطل بها البابا على مريديه من نافذته المضاءة على الدوام ،وحين يقفون تحت المطر لساعات علهم يرون الهيبة المقدسة والإطلالة الملكوتية.
أنت التي تمنحين الدفء في لحظة برد تجتاح الروح ،وتعكر صفو الكلمات، وتبعثين طاقة الحياة في داخل رجل متهالك من تعب ومعاناة تمر به كل يوم، وليس له إلا أنت يتذكر في خيالك الإدهاش والإمتاع والغوص في أعماق تختزن اللؤلؤ والأصداف الملونة المبهجة فتجتمع اللآلئ واحدة واحدة يلتقطها ويصعد الى سطح الماء، ويؤشر بيديه لصحبه: إني أنا الرابح في المهمة الأسطورية، فقد وجدت إمراة مخلوقة من لؤلؤ، وأصداف ملونة، وقد دفنت بالعنبر في أعماق بعيدة، لكنني استخرجها لتتلألأ وتشرق.