بعد زيارته لوزارة الداخلية والكهرباء وحديثه الشجاع عن كواسر الفساد.. هل بدأ الكاظمي المسير على خطى (الزعيم) ؟
يجمع المتابعون لا سيما المخضرمون منهم، على أن خطوات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي التي يخطوها الان في سدة الحكم، تتسق بشكل او بآخر مع النسق الذي كان عليه الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، ونقصد بذلك علاقته بالناس، وبما يقولونه في جلساتهم، ويريدونه في سرهم وعلنهم، فيذهب فوراً اليه، وهي بداية جيدة، فهل سيكمل مشواره على خطى الزعيم الخالد، أم سيستدير متراجعاً نحو الجهة الأخرى ؟
الجواب سيأتي من فم الأيام والأحداث القادمة.
إذاً دعونا نتابع أنشطة الرجل خلال هذا اليوم الأحد، حيث بدأ الكاظمي بالدخول سريعاً في عمق العمل الحكومي واتخاذ خطوات تصاعدية تشير إلى أنه سيبدأ قريبا باتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفل بناء الدولة واستكمال مشروعها المؤسساتي لضمان تحقيق أهداف البرنامج الحكومي الإصلاحي الذي طرحه مع تشكيل كابينته الوزارية.
الكاظمي لا يحاول الان استكشاف الوضع الوزاري، ولا حتى الاطلاع على شكليات العمل الوزاري الروتيني، قدر ما هي خطوات لفتح الخطوط النهائية للتماس مع اعقد الملفات وأكثرها حساسية، فالرجل يعي أن أزمة البلاد تكمن في ملفين مهمين، الأمن والخدمات، وهما الأكثر إثارة للرأي العام، والأكثر حضورا على طاولة اي رئيس حكومة سبقه.
لذا فإنه لم يتردد الان في متابعة ميدانية لهذين الملفين، وقد يتمخض هذا الحراك المارثوني عن قرارات ومعالجات قد تبدو صعبة ومؤذية للوهلة الأولى، لكنها ستكون في عمق الأزمات، وسيكون لها أثر في تفكيك هياكل عملاقة من الفساد والفشل والبيروقراطية التي تستنزف المال والجهد، وتعرقل الوصول إلى المطلوب.
بمعنى اخر، ان الكاظمي بزيارته اليوم لوزارة الداخلية يريد أن يهيء الأرضية المناسبة لإصلاح امني شامل، مستنداً على برنامج حقيقي هذه المرة، مبتعداً عن الشكليات الاستعراضية، وقد لا نكشف سراً ان قلنا ان الكاظمي بصدد تقييم عاجل لكل مفاصل العمل الأمني وإعادة هيكلة حقيقية لهذه المفاصل بما يضمن تحقيق نظرية الأمن المتكامل، القائم على عمل تقني بالدرجة الأساس والمدروس بعناية.
في المنقلب الاخر، تبدو زيارة الكاظمي إلى مقر وزارة الكهرباء، والحديث الصريح، والواضح عن عقود وملفات هذه الوزارة، ضربة معلم كما يقال، فهذه الوزارة مثلت في الماضي البئر العميقة التي ابتعلت أموالاً هائلة دون أن توازيها خدمة معقولة ومقبولة، لذا يبدو أن الكاظمي الان يتهيأ بشكل جاد لفتح ملف خطير، ألا وهو ملف قطاع الطاقة وشركاتها ومشاريعها المحروسة من عيون الحاسدين، وقد يبدأ الرئيس بمراجعة شاملة لحجم الإنفاق بالمقارنة مع حجم المتحقق وهذا هو المطلوب الان، فمع الرغبة الملحة لتقديم خدمات آنية، فإن المساءلة وفتح ملفات العقود والشركات الحكومية في إنتاج الكهرباء والنفط مثلما يحصل من كوارث في عقود سومو وغيرها يبدو جزءً من الحل، فبدون مساءلة لكل عما جرى، سيبقى جزءً من المهمة مفقوداً.
وإذا كان الكاظمي الذي يسير بثبات ووضوح، يذكرنا بحديثه الواضح وسحنته بالزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، فهو الان يجعلنا نتفاءل في ان نراه يمضي على طريق الخالد قاسم، وأن يكون عهده عهدا قاسميا آخر يتشكل بهدوء شريطة أن نضمن تواصل الدعم الشعبي لهذا الرجل، وأن لا نكرر ، ولا هو يكرر أخطاء ماض أليم لا يزال يؤرق ضمائرنا جميعاً.