وطني قنديل طريق الحرير
بقلم … كاظم فنجان الحمامي …
وطني جسر العالم القديم، وذاكرة حضارية كونية عرفت لغة التواصل قبل ان تعرف لغة التكهف والانغلاق. فديتك يا وطني ستبقى تنير دروب القوافل بين القارات لأنك قنديل العبور لكل الاتجاهات. .
رسمت سواقيك مسارات قوارب الخير، ونقشتها على ألواح الطين في سجلات الملاحة التي علمت الناس أبجديات ركوب البحر. . . وطني علامة فارقة في أسفار التجار. . . وطني خزانة العرب وعين الدنيا. . . وطني ملاذ السفن التي كانت تأتيه من تخوم الصين رافعة اشرعتها أمام الريح في الليل البهيم. . .
وطني بغداد وفيها تُطرز اسماء كل خيول العرب من الجاهلية الأولى حتى القيامة أو بعدها بخيوط الذهب. . .
في وطني تسير الاقمار على الطرقات القديمة حافية القدمين. . .
وطني جنان معلقة بأقمار المشتري، ومحطات ودروب لا ضفاف لها. . .
وطني بوصلة طريق الحرير ومهد كل النبوءات من عهد آدم ومن عهد أور، والشموس جميعها عليه تدور. . .
وطني أقوّم البلدان قبلة، واعذبها دجلة، واقدمها تفصيلا وجملة.
وطني قنديل المفكرين والحالمين بطريق الحرير. .
سألت والي الموصل: أرايت إن خرج آشور بانيبال من تحت أنقاض الحدباء، فما وجد من نينوى إلا اثراً بعد عين، ماذا انت قائلٌ له ؟.
قال: سأخبره انهم يريدون حرمان العراق من كنوزه المخبأة في جرار القوافل القادمة من بُخارى وطشقند وسمرقند.
أما أنت فماذا ستقول لدعاة الانغلاق ؟.
قلت له: سأروي لهم حكايات السندباد الذي جاب الآفاق البعيدة محلقاً فوق بساط الريح، وأسرد لهم حكاية علاء الدين الذي اضاء فنارات سواحلنا للوافدين مع السفن المتوجهة صوب قصور المنذر بن ماء السماء. .
قديما قالوا: كل طرق التواصل تؤدي الى روما، أما وطني فجاءته روما بنفسها.