السطحيووون ..
في كتاب “السطحيون”، يغمرنا نيكولاس كار في رحلة عميقة تستكشف العلاقة المتبادلة بين التفكير البشري والتكنولوجيا التي نتفاعل معها، مُقدمًا صورة حية لقوة التحول الرقمي. يبدأ كار برؤية تاريخية شاملة، مُبرزًا كيف أثرت الابتكارات المهمة – من الأبجدية إلى الخرائط وصولًا إلى مكبس غوتنبرغ – في تشكيل أنماط التفكير البشري. هذه الابتكارات قامت بتشكيل قدراتنا المعرفية، مع تقديم كل تغيير لمكاسب وخسائر في القدرات الذهنية.
ومع ذلك، يُظهر كار أن الإنترنت يُمثل تأثيرًا فريدًا بحجمه وأثره. هذا النظام الرقمي المتقدم قد أعاد بنية نمط استهلاكنا للمعلومات. انتقلنا من القراءة العميقة والمستمرة لكتاب إلى عالم متقطع وسريع من النوافذ المتعددة والإشعارات والروابط. هذا التحول ليس مجرد تغيير في العادة فقط، فعقولنا، التي تتميز بمرونتها، تتكيف مع هذه الأنماط، وتعيد توجيه نفسها. نصبح بارعين في التصفح السريع والفحص ومتعددي المهام، ولكن الثمن هو غالبًا تلك الفكرة الغنية والمُعمقة التي تُغذيها قراءة الكتب.
القلق الذي يُبرزه كار هو أن هذا التحول نحو الرقمية قد يُظلل قدرتنا على التأمل والتفكير العميق. الإنترنت هو مستودع لا مثيل له من المعرفة، وقوته في تحقيق التقدم لا يُنكر، ولكن السرعة والكمية الهائلة من المعلومات قد تكون تُثقل كاهل قدراتنا المعرفية. ويُؤكد كار على المخاطر التي تكمن في أن نصبح متصفحين دائمين على سطح المعرفة، دون الغمر في أعماقها.
ومع ذلك، “السطحيون” ليس إعلانًا عن نهاية العالم، ولكنه دعوة للتصرف. يدعونا كار لأن نكون مُلاحين ذوي تمييز في العالم الرقمي، وأن نوازن بين فورية الإنترنت وفترات التفاعل العميق وغير المشتت، لضمان أننا، في هذا العصر الرقمي، نحافظ على جوهر الإنسانية.
اسم الكتاب العربي : السطحيون ما تفعله شبكة الانترنت في أدمغتنا