’كوكل’ تفكر على ’طريقة ميناء الفاو’.. خط جديد قد يشعل أزمة في الشرق الأوسط!

شبكة أنباء العراق
حثاً عن طريق أقصر وأقل اختناقاً وكما هو حال على مستوى الملاحة البحرية تخطط عملاق الإنترنت ’شركة كوكل’ إلى مد خط في مسار جديد من أوروبا إلى إفريقيا بعيداً عن قناة السويس، في فكرة مطابقة لهدف ميناء الفاو الكبير.
وسلط تقرير صحفي، الضوء على قرار شركة جوجل بتغيير مسار الكابل البحري الخاص بها الذي يربط الهند مع أوروبا ليمر عبر السعودية وإسرائيل بدلا من مصر، وناقش التغييرات التي يمكن أن تحدثها المنافسة الجديدة في سوق الكابلات البحرية في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب التقرير الذي نشره مركز “الإمارات للسياسات” فإن “الكابل الجديد، المُسمَّى (بلو رامان)، يهدف إلى تقليل الاعتماد على مصر التي تعتبر أحد أكثر نقاط عبور كابلات الإنترنت ازدحاماً في العالم، ما يُشير إلى احتمالية حدوث انقطاعات خطيرة في حال لحق أي ضرر بتلك الكابلات”.
وأشار التقرير إلى أن ، “ارتفاع التكاليف المصرية الخاصة بالعبور، وإمكانية تقديم المنافسين (إسرائيل في هذه الحالة) أسعاراً أقل، يمثل تهديداً مباشراً على أية خطط مستقبلية محتملة لمد خطوط كابلات بحرية عبر مصر، ما يعني تهديد عائدات مصر من هذه الخدمة”.
تاليا نص التقرير ..
بعد أن أعلنت شركة جوجل عن تغيير مسار الكابل البحري الخاص بها والذي سيربط الهند بأوروبا، ليمر عبر السعودية وإسرائيل بدلاً من مصر فإن حالة الجدل حول سبب هذا التحول دفعت إلى التساؤل عن إمكانية تغيير وضع سوق الكابلات البحرية في منطقة الشرق الأوسط.
بدأت شركة جوجل العالمية إنشاء خط ألياف ضوئية رئيس جديد يربط بين إسرائيل والسعودية، والذي سيكون ممراً رئيساً لنقل بيانات الإنترنت العالمية بين أوروبا والهند. ويهدف الكابل الجديد، المُسمَّى “بلو رامان”، إلى تقليل الاعتماد على مصر التي تعتبر أحد أكثر نقاط عبور كابلات الإنترنت ازدحاماً في العالم، إذ إن معظم الخطوط التي تربط بين أوروبا والهند تمر عبر مصر، ما يُشير إلى احتمالية حدوث انقطاعات خطيرة في حال لحق أي ضرر بتلك الكابلات.
وفي الوقت الذي خرجت تحليلات تربط الكابل الجديد باعتبارات سياسية عديدة من بينها التمهيد لتطبيع العلاقات السعودية-الإسرائيلية، تعرَّضت الأجهزة المسؤولة عن الاتصالات في مصر، وخاصة الشركة المصرية للاتصالات المسؤولة عن الكابلات البحرية، لسهامِ النَّقد باعتبار أن الرسوم المبالغ فيها من جانب مصر هي الدافع وراء تغيير جوجل لمسار الكابل. وتعرِض هذه الورقة أهم المعلومات المتعلقة بالكابل الجديد، وتحلل تأثيره على دور مصر في سوق الكابلات البحرية، والتوقعات المستقبلية لهذا الدور في ظل هذه المعطيات.
الحقائق حول الكابل الجديد
يعدّ الكابل الجديد الذي سيربط الهند بأوروبا أحدث إنجاز في عالم البنية التحتية للإنترنت عبر العالم من شركة جوجل، التي تستهدف زيادة قدراتها التنافسية لمواجهة الطلب المتزايد على شبكات إنترنت أكثر سرعة. ويحمل الكابل الجديد اسم “بلو رامان”، نسبةً لأحد علماء الفيزياء الهنود، وتبلغ ميزانيته الأولية 400 مليون دولار، ويمتد لمسافة 8 آلاف كيلومتر، من الهند جنوباً إلى إيطاليا غربا.
وضع مصر وعائداتها في سوق الكابلات البحرية
تُعدّ مصر أحد أهم المراكز العالمية لمرور كابلات الإنترنت البحرية، حيث يمر بها 17 كابلاً بحرياً، ما يجعلها تحتل المركز الثاني عالمياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث عدد الكابلات البحرية التي تمر خلالها. وتصل عائدات مصر من عبور كابلات الانترنت البحرية إلى 130 مليون دولار، حيث تحتل مكانة مهمة في عالم الكابلات البحرية العملاقة فائقة الطول، الناقلة لحركة الاتصالات والإنترنت حول العالم، وذلك بحكم موقعها الجغرافي الممتاز، كنقطة التقاء بين آسيا وأفريقيا، ومعبر قريب لأوروبا عبر قناة السويس، وبقية الأراضي المصرية.
وتعد الشركة المصرية للاتصالات المسؤولة عن الكابلات البحرية، وقد حققت الشركة إيرادات تزيد على 2.9 مليار جنيه كرسوم مرور للكابلات خلال العام المالي 2019. وبلغت نسبة هذه الإيرادات حوالي 10% من أرباح الشركة في الربع الأول من عام 2020، وارتفعت نسبة مساهمة رسوم مرور الكابلات في إيرادات الشركة من 6.6 % عام 2008 إلى 17.4% عام 2019، مما يوضح مدى الاهتمام الذي توليه إدارة الشركة لخدمات الكابلات.
تداعيات الكابل الجديد
قد تفقد مصر ميزتها التنافسية كمعبر لكوابل الإنترنت الدولية بعد دخول إسرائيل منافساً لها، عبر تقديم نفسها معبراً بديلاً أقل سعراً وأقصر طريقاً من مصر، كما أنها معبر غير مزدحم مثل مصر التي يتم الترويج لكونها نقطة اختناق للكابلات البحرية العالمية يُفضَّل تفاديها مستقبلاً، خاصةً في ظل التوجه الإسرائيلي الحالي لتطبيع العلاقات مع العديد من الدول العربية، وهو الأمر الذي سيُمكن تل أبيب من إحداث شراكات في مجال عبور الكابلات البحرية لم تكن تستطيع القيام به في السابق في ظل الأوضاع الجيوسياسية التي كانت تفرض عدم وجود علاقات تجارية واقتصادية معلنة بين إسرائيل ومعظم الدول العربية.
من جهة أخرى، قد يمثل ارتفاع التكاليف المصرية الخاصة بالعبور، وإمكانية تقديم المنافسين (إسرائيل في هذه الحالة) أسعاراً أقل، تهديداً مباشراً على أية خطط مستقبلية محتملة لمد خطوط كابلات بحرية عبر مصر، ما يعني تهديد عائدات مصر من هذه الخدمة، وكذا المزايا الاستراتيجية واللوجستية التي تحصل عليها من مرور هذه الكابلات، إذ يتم الترويج أن الشركة المصرية للاتصالات المسؤولة عن الكابلات البحرية في مصر تفرض رسوماً هي من بين الأعلى عالمياً، إذ إنها تمثل ما يصل إلى 50% من تكلفة أي مشروع للكابلات البحرية الجديدة.
وأكد العديد من الشركات (بما فيها شركة جوجل) أن الازدحام الذي تسببه كثرة الخطوط البحرية المارة بمصر، وإمكانية حدوث أضرار جسيمة لأي كابل جديد قد يمر بها نتيجة لحركة الشحن البحري المزدحمة عبر قناة السويس والبحر الأحمر، من الأمور التي قد تدفع هذه الشركات لتغيير المسارات المستقبلية للكابلات الخاصة بها، الأمر الذي يتطلب قيام مصر بتوفير أماكن آمنة ووضع لوجستي مميز يجذب هذه الشركات من جديد لها.
ويمكن القول إن استفادة مصر من الكابلات البحرية المارة بها حتى الآن تتركز في الاستفادة المالية والاستراتيجية بحكم اعتبارها معبراً ونقطة مُهمَّينِ لهذه الكابلات، لكن على الناحية الخاصة بسرعة الانترنت داخل مصر فالاستفادة ستكون هامشية نتيجة ضعف البنية التحتية للإنترنت بها، بالرغم من القوة الفنية للشركة المصرية للاتصالات، والتي تظهر في مشروعاتها الإقليمية والدولية بشكل أكبر من الخدمات التي تقدمها داخلياً.
ومع ذلك، لا تزال مصر تحتفظ بوضعها القوي ضمن نقاط العبور لخطوط الكابلات البحرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالنظر إلى القوة الفنية واللوجستية للشركة المصرية للاتصالات المسئولة عن هذه الخطوط، والتي دخلت في العديد من الاستثمارات بهذا المجال إقليمياً ودولياً.