صراع سياسي محتدم على منصب أمين بغداد .. ومحللون محليون يؤكدون أنها حرب المغانم ..

شبكة أنباء العراق _ متابعات محلية
خمس سنين وأكثر هي المدة التي تسلمت فيها ذكرى علوش منصب أمانة بغداد وحتى اليوم عندما باشرت مهامها في 26 شباط 2015، كأمين بالوكالة، بتكليف من رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي بعد أن كانت تشغل منصب مدير عام في وزارة التعليم، حينها جرى استقبال رسمي لها من قبل سلفها الفاسد الآخر نعيم عبعوب الكعبي، وقدم لها باقة من الزهور وكأنه يقول لها أكملي مسيرة الفساد والهدر.

وقال المحلل السياسي نجم القصاب : إن “امانة بغداد تعد وزارة اسوة بالوزارات الأخرى التي فيها مكاسب ومغانم وميزانيات ونفوذ ووجود وتوسع، وهذا بسبب عدم محاسبة الأمناء السابقين والمسؤولين في الأمانة منذ 2003 الى هذه اللحظة”.
وأضاف أن “هناك تصارع وتسابق على تبوأ منصب الأمين رغم هناك عدم قبول او تاييد للأمين الحالي ذكرى علوش أو الأمناء السابقين سواء صابر العيساوي أو نعيم عبعوب أو عبد الحسين المرشدي فهؤلاء كلهم لديهم ملفات في القضاء وفي النزاهة وان لم يتم القاء القبض عليهم او محاسبتهم أو مصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة لن نترجى خيرا بالقادم”، لافتا إلى أن “المحاسبة ستمنح من يرغب بالترشيح او التكليف بالمنصب بأن يكون له الثقة بنفسه اولا والخوف من القضاء او الخوف من النزاهة”.

وأشار القصاب إلى أن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اذا منح هذا المنصب الى احدى الشخصيات التي يتم ترشيحها من قبل الأحزاب سيكون في حرج كبير امام الرأي العام والقوى السياسية الاخرى لأنه سيكون هناك ضغطآ عليه، لذا ينبغي على الكاظمي ان يختار شخصية مهنية علمية من اهالي بغداد لتتبوأ هذا المنصب على الاقل بالفترة المقبلة حتى تكون بغداد اجمل”، معتبرا أن “بغداد حاليا اوسخ مدينة في العالم وليس على مستوى العواصم بسبب الأمناء دمروها ولم يفكروا في تطوريها اوجعلها مدينة جميلة بل وحتى الاراضي المخصصة لمتنزهات للاطفال حولوها الى مساكن ومولات وهذا التخريب ممنهج ومبرمج من قبل بعض الاحزاب خصوصآ الأحزاب القريبة من هذه الدولة او تلك”.

في 22 شباط 2015، اعفى العبادي امين بغداد المثير للجدل الكاذب الذي كان ينعت نفسه بالوسيم نعيم عبعوب من مهامه وعين امرأة بدلا منه، في خطوة هي الاولى من نوعها في هذا المنصب الذي يعود الى القرن التاسع عشر، وحينها استبشر العراقيون خيرا بأن تلك المرأة ستنهض بواقع العاصمة، إلا أن بغداد تسير باتجاه الأسوأ.
وعن ذلك ذكر المحلل السياسي الدكتور عصام الفيلي : أن “موضوع امانة بغداد يكاد يكون واحد من اكثر المناصب جدلا لسبب بسيط جدآ، ان هذا الموضوع تعودنا دائمآ ان يكون جزءً من عملية التفاوض بين الكتل السياسية بل انه يأخذ مديات اوسع حتى في لحظات تشكيل الحكومة”، لافتا إلى أن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في لحظة تشكيل الحكومة كان جزءً من برنامجه الاساس هو الإشراف من قبله على عمل امانة بغداد وهذه كانت رسالة ابتدائية لكل الكتل السياسية مفادها أن على الجميع ان لا يتدخل في اختيار منصب الأمين”.

وأضاف أن “الصراع القوي بين الكتل السياسية بدأ بترشيح وزراء وهنالك من بدأ بترشيح نواب في حين ان هنالك رأي يوصي بضرورة ان يكون المرشح مستقلا من داخل الأمانة، وهناك اتفاق على ان يكون امين بغداد حصرآ من ولادة بغداد ومن ساكنيها وفي هذا الأطار نجد ان حدة الصراع ازدادت في الايام الاخيرة”، مرجحا أن “يكون الكاظمي قد ترك الأمر إلى ما بعد نهاية التمديد الممنوح لذكرى علوش، سيما أن هناك تسريبات تقول أنه قد تم تمديد وجودها بالمنصب لأربعة أشهر”.
ولفت الفيلي إلى أن “هذا الموضوع سيبقى من اكثر المواضيع التي تشهد صراعا وجدلآ لان بعض القوى والأحزاب السياسية تنظر لهذا المنصب على أنه ليس خدمة بقدر ما هو يحقق لهم واردات مالية كبيرة، سيما أن ميزانية امانة بغداد تعادل ميزانية عدة وزارات وبهذا الاطار الكتل ترى انها هي الأحق في ان تتمع بهذا دون التفكير في موضوع خدمة المواطن لان بغداد مساحة كبيرة عدد نفوسها تتجاز اكثر من (ثمانية ملاين نسمة) وربما تحاول الاطراف ان تلتحق ببغداد وهي اختصاص مجلس المحافظة الملغي وليس الامانة”.

بدوره تساءل المهندس أحمد الساعدي في حديثه : “هل يا ترى سيقوم رئيس الوزراء الكاظمي بزيارة مقر امانة بغداد ومعرفة خفايا ودهاليز المشاريع المتوقفة ومنها مشروع تطوير قناة الجيش ،ومشاريع مجاري الصرف الصحي واكساء الشوارع ولو بالترقيع، اهمال وترك مناطق دخول العاصمة من كل الاتجاهات وخاصة طريق حلة ـ بغداد”.
وأضاف “ماذا ستقول امينة بغداد علوش للتاريخ بعد أن تترك المنصب وهي التي وعدت بتنظيف بغداد وانجاز المشاريع ومعاقبة الفاسدين وانهاء ملفات الفساد والافساد والابتزاز الذي يتعرض له المواطن البغدادي في جميع المدن دون استثناء ومن لا يدفع الرشى يواجه الصبات بحجة تعظيم الايرادات ولا نعلم اين تذهب تلك المليارات”، مبينا أن “الجهة الحكومية الوحيدة التي لا تخضع للمراقبة والمتابعة هي امانة بغداد ولا نعلم لمن تعود لا هي وزارة ، ولا هي هيئة ولكن مستغلة تلك الظروف وتهدر المليارات بدون تقديم اي مشاريع عمرانية وخدمية وكل سكنة بغداد يعانون نفس الهموم والمعاناة ولكن الاستجابة معدومة”.
وأشار إلى أن “اموال واستثمارات واملاك امانة بغداد لا تعد ولا تحصى وهم يتحججون بقلة التخصيصات ويستلمون الاموال الضخمة من ميزانية تنمية الاقاليم ومن الحكومة ومن محافظة بغداد وجباية لا تعد ولا تحصى من المواطنين وتبقى الخدمات معدومة في بغداد”، موضحا أن “امانة بغداد فشلت في تقديم الخدمات البسيطة ومنها حل مشكلة تصريف مياه الامطار واصلاح شبكة المجاري وتعبيد الطرق ومعالجة مشكلة التجاوزات على الارصفة والشوارع وبقية الازقة والمدن”.
وأعرب الساعدي عن “أسفه لأن الكثير من النواب والمسؤولين اعلنوا امتلاكهم ادلة لعقود فساد في امانة بغداد، ومنهم من توعد بمساع جادة داخل مجلس النواب لفتح جميع الملفات السابقة والحالية في الامانة ومحاسبة شديده الى ذكرى علوش وبقية المسؤولين في امانة بغداد ومنهم من ذكر ان هنالك شبهات فساد تحوم حول عقود كثيرة جرت في أوقات متباينة، فضلا عن وجود تلكؤ كبير في بعض المشاريع لم تقم أمانة بعداد بمعالجته بشكل صحيح منها مشروع قناة الجيش وماء الرصافة الكبير واكساء المدن الحديثة، إلا أنهم صمتوا بطريقة لا يعلم بها إلا الله والمرتشون”.
ويعد منصب امين بغداد اعلى منصب اداري في العاصمة، ويعنى بكل الشؤون الخدمية والانماء ضمن النطاق البلدي للمدينة التي يبلغ تعداد سكانها نحو ثمانية ملايين ونصف مليون نسمة، بحسب مختصين.
يشار إلى أن امانة بغداد تأسست عام 1868 خلال العهد العثماني ويتبع المنصب مجلس الوزراء، ويتمتع شاغله بصلاحيات وزير.