المقالات

سالفة وبيها ربّاط على نفط البصرة

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

تعددت الأنظمة المالية وتشعبت، فمنها الصالح ومنها الطالح، ومنها الفاشل ومنها الناجح، ومنها ما ينطبق عليه المثل العراقي الدارج: (إلْما يعرف تدابيره حنطته تاكل شعيره)، ويضرب للغشيم الذي لا يحسن تدبير أموره، فيأكل ماله بعضه بعضا، ويذهب ما يملكه هباء. وهذا مربط الفرس أو مربط البقرة التي تدور حولها حكايتنا (سالفتنا). .
فلو كانت لديك بقرتين في النظام الفاشي فإن الدولة تستولي عليهما ثم تبيعك الحليب بسعر لا يخطر على بالك. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام الشيوعي فإن الدولة تأخذهما وتعطيك ما يكفي أسرتك من الحليب. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام الاشتراكي فان الدولة تأخذ منك بقرة وتعطيها لجارك. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام البيروقراطي فإن الدولة تذبح بقرة، وتحلب الأخرى. ثم ترمي الحليب في خزان النفايات. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام الرأسمالي التقليدي فان الدولة تبيع احداهما، وتشتري بثمنها ثوراً، فيتكاثر القطيع، وتزداد أرباحك، ثم تضطر لبيع القطيع كله، لكي تغطي نفقات تقاعدك. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام الرأسمالي الحديث فإن الدولة تبيعك ثلاث بقرات عبر الاعتماد المستندي، ثم تقوم بمبادلة الديون لإستعادة بقراتك بإعفاء ضريبي لخمس بقرات. وتقوم بنقل الحليب لسبع بقرات إلى شركتك السرية، وتقول في التقرير السنوي أنك تملك 8 بقرات مع إمكانية إضافة بقرة أخرى. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام السويسري لكنك لا تملك أي منها، فان الدولة تمنحك اجور التخزين والرعاية، وتأخذ الأجور من المالك الحقيقي. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام الفرنسي فإنك تخرج للتظاهر والاحتجاج لتطالب الدولة بمنحك ثلاث بقرات من الأصناف الاسترالية الكبيرة. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام الهندي الذي اقره الزعيم ناريندرا مودي، فيتعين عليك ان تلتزم بطقوس عبادة البقرتين على الطريقة الهندوسية حتى يرضى عنك حزب بهاراتيا جاناتا. .
ولو كانت لديك بقرتين في النظام اليوناني فينبغي أن تأكلهما، وتستلف بقرتين من فرنسا وألمانيا وتأكلهما. فيطالبونك بتسديد الدين، عندئذ تقترض بقرتين من صندوق النقد الدولي وتأكلهما. ثم يطالبونك بالحليب والبقر، ويبدأ التحكيم الخارجي بإشراف قضاة دوليين. .
ولو كانت لديك أكثر من بقرتين في البصرة فيتعين عليك ان تعتني بتلك الأبقار، ثم تتبرع بالحليب كله إلى المملكة الأردنية، وتتحمل نفقات نقله من غرب القرنة إلى العقبة. ثم تشتري منهم المشتقات المستخرجة من ذلك الحليب، لتعود بها إلى البصرة شريطة أن تتحمل اجور النقل من هناك. .

د. كمال فتاح حيدر

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
FacebookTwitterYoutube
إغلاق