المقالات

حصار أردني حول الرابيّة

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

احتراماً لقتلة الأطفال وتقديراً للعصابات التي ارتكبت ابشع حملات الابادة الجماعية، قرر ملك الأردن فرض الحصار على منطقة الرابيّة التي تقع فيها سفارة العدو في شارع ميسلون بالرقم 47 وسط العاصمة عمان. فقد شهدت مداخل المنطقة ومخارجها مظاهرات غاضبة حاولت اقتحام مقر السفارة احتجاجا على المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة وفي الضفة. .
فأصدر المندوب الصهيوني في المملكة قرارا يلزم فيه سكان الرابية بالحصول على الإذن المسبق، أو الحصول على التصاريح الرسمية للسماح لهم بالخروج من منازلهم والعودة اليها. بمعنى ان حركة سكان الرابية اصبحت مقيدة، وصارت الرابيّة من المناطق المعزولة المحاصرة. فانتشرت الحواجز في شوارعها وتفرعاتها في إجراءات احترازية مشابهة تماما للحواجز الصهيونية المنتشرة في الارض المحتلة. .
المنظر من بعيد يبدو وكأن السفارة هي التي باتت تتحكم بتحركات سكان الرابيّة كما لو انها مقاطعة من مقاطعات تل أبيب، أو حديقة خلفية لبيت نتنياهو. وباتت تحركات المواطنين محسوبة ومرصودة وتحت المراقبة. ولدى القوى الأمنية الآن قوائم بأسماء سكان المنطقة وأرقام سياراتهم وعجلاتهم ودراجاتهم الهوائية، وأرقام هواتفهم ومقاسات ملابسهم واحذيتهم. لا يخرجون من منازلهم إلا بأمر، ولا يعودون إليها إلا بأمر من الوالي الصهيوني التابع للإمبراطورية التوراتية. .
وكأني بهم يرددون الآن هذه الأبيات من قصيدة كتبها بدر شاكر السياب في القرن الماضي:
وحيداً هناك على الرابية
جلست أبث الدجى ما بيه
أعدد أيامي الذاهبات
فأبكي لأيامي الباقية
فسكان الرابية يخوضون الان تجربتهم الجديدة للتعايش مع نظام السفارة، بعد ان أُطبق عليهم الطوق، وأرغموا على طاعة الأوامر والالتزام بها في محيط معزول ومغلق تماماً. اما الاقتراب من السفارة فممنوع ممنوع ممنوع. يا ولدي. . .

د. كمال فتاح حيدر

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
FacebookTwitterYoutube
إغلاق