علاوي يعقد اتفاقًا مع الكرد، مبنيًا على قاعدة: سلمني، أسلمك!
ظلت العلاقة بين بغداد واربيل قائمة على مبدأ المغالبة، ومبدأ الثقة من طرف واحد، ومع أن بغداد العاصمة خضعت لسنوات طوال لابتزاز كردي حقيقي، كانت القوى الكردية تبني مصالحها المالية باللعب على الوتر الطائفي مرةً، ومرةً على التناقض الداخلي في الترجيح، الا أن هذه الصيغة تأكلت بعد سقوط جدار الطائفية الهش، وبدأت القوى الكردية تواجه ضغوطاً من بغداد اجبرتها على اعلان موقف مناقض لما كانت تظهر عليه، بل وأنها خضعت للأمر الواقع في ايام حكومة العبادي الذي اجبرها على قطع يد الابتزاز، لكن الأمر لم يدم في حكومة عبد المهدي التي فتحت خزائن بغداد صريحةً امام الطمع الكردي، ونجحت القوى الكردية في استعادة موقعها الثابت، حيث تحصل على كل شيء من بغداد، مقابل لا شيء في حكومة الاتحاد.
هذا الوضع الشاذ، فجر المشاكل بين بغداد واربيل، وعقد الأزمة القائمة، ولعل الرهان الأكبر، والمعضلة التي ظنها الجميع عقبة كأداء أمام نائب رئيس الوزراء، وزير المالية علي عبد الأمير علاوي هو التوصل الى صيغة تفاهم مع القوى الكردية بشأن التمويل، وتسليم النفط المستخرج من الحقول في الأقليم بموجب الاتفاق النفطي الشهير الذي تضمنته موازنة 2019 الاتحادية، والذي تنصلت منه الحكومة الكردية علناً.
لكن اليوم، يبدو أن الأمور تتجه لما نسميه أول اتفاق واقعي وتاريخي، وقائم على الوضوح الكافي العلاقة، ويمكن عده بأنه أنهى الفترة الضبابية، وجمد الابتزاز، وسيمحو أن مضى حقبة سيئة من الخضوع الاتحادي للطرف الاقليمي، حيث أن الاتفاق الجديد الذي نشر اليوم، تضمن بشكل صريح الزامًا للطرف الكردي بدفع مستحقات الخزينة الاتحادية وتسليم الايرادات المالية غير النفطية الى الخزينة، وكذلك تسليم ما لا يقل عن ربع مليون نفط برميل يومياً ليصدر عبر شركة التسويق النفطي العراقي، في مقابل حصول الأقليم على مستحقات موظفيه البالغة اربعمائة مليار دينار شهرياً، وكبادرة أولى فأن دفعة شهر نيسان التي قام وزير المالية الدكتور علي عبد الأمير علاوي، بأطلاق صرفها ستكون الأخيرة، مالم تلتزم الحكومة الكردستانية ببنود الاتفاق الذي نص بصراحة على قيام الاقليم بتسليم هذه الايرادات الى بغداد، مقابل دفع هذا المبلغ بشكل شهري، وفي حال عدم الالتزام ستقوم بغداد بحجب هذه المبالغ، وبذا سيكون طرفي الاتفاق في حل من الالتزام بما جاء فيه.
أن أهمية هذا الاتفاق تأتي من السياق الواضح الذي تعاملت به الحكومة، فمع حرصها على مصالح الشعب الكردستاني، وضرورة ايصال مستحقاته المالية، فأنها حريصة كل الحرص على الخزينة العامة الاتحادية، ولن تسمح لأي طرف مهما كان ان يمارس عملية الابتزاز، أو الاحتيال، مستفيدًا وموظفًا النفوذ السياسي الذي يتمتع به.